|
غلق | | مركز الدراسات والابحاث العلمانية في العالم العربي | |
|
خيارات وادوات |
سعود سالم
2022 / 9 / 30
إن إرتباط مفهوم "الهوية" بعناصر طبيعية ووراثية، مثل الجنس واللون واللغة والجغرافيا وتعيين الإنسان وإقحامه في أحد التعريفات الجاهزة، مثل أسود، أبيض، أصفر أو مسلم، مسيحي بوذي أو عربي، يهودي، أفريقي .. إلخ، يحصر الإنسان في هوية مفترضة وخيالية حتى قبل ولادته وقبل أن يختار هويته الحقيقية والتي لا يمكن أن تكون ثابتة وراسخة وغير قابلة للتحول. ولقد رددنا مرات عديدة على صفحات الحوار المتمدن بأن الإنسان ليس شجرة أو نبات بحيث تكون له جذور غائصة في تربة بلد أو وطن أو شيء من هذا القبيل، هوية الإنسان مشروع وجودي حيوي يبنيه في كل لحظة وكل ثانية من معاناته ونضاله وعمله، وليس هدية أو ميراثا يتلقاه بيولوجيا أو ثقافيا او دينيا من والديه أو من المجتمع الذي يعيش فيه.
فالعنصرية هي منظومة أيديولوجية للسلطة تعمل على نشر وتطبيق التفاوت والتمييز العنصري بين فئات المجتمع الواحد أو بين عدة مجتمعات متجاورة. وتعمل العنصرية كنظام على تشريع قوانين ودساتير تميز الأفراد والجماعات على أساس عرقي أو ثقافي أو تاريخي.
فمثلا:
١ - قبل أيام قليلة أعلن جيرالد دارمانان Gérald Darmanin، وزير الداخلية الفرنسي عن إجراء سريع حتى يتمكن اللاجئون الأوكرانيون من الحصول على رد إيجابي سريع على طلب اللجوء السياسي من خلال تبسيط الإجراءات القانونية للحصول على تصريح الإقامة في وقت قياسي.
٢ - عرضت عدة بلديات ومدن فرنسية أماكن إقامة "غير عاجلة" للإوكرانيين، حتى لا يتم إخلاء حجرات اللاجئين في الساعة السابعة صباحًا كما هو الحال مع بقية الفرنسيين بدون مأوى.
٣ - قررت شركة القطارات الفرنسية SCNF جعل جميع القطارات مجانية للاجئين الأوكرانيين، ولم يشمل هذا القرار الاجئين من جنسيات أخرى.
٤ - كما طلبت فرنسا من الاتحاد الأوروبي إطلاق آلية خاصة تسمى "الحماية المؤقتة - « protection temporaire »" للاجئين الأوكرانيين: وهي ألية تسمح للاجئ الأوكراني الحصول على تصريح الإقامة ساري المفعول لمدة عام كامل وقابل للتجديد لمدة عامين. وقد قبلت غالبية الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي هذا المبدأ، وستكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تنشيط هذا الجهاز منذ إنشائه قبل 20 عامًا.
٥ - يقوم الاتحاد الأوروبي بالتعبئة بشكل لم يسبق له مثيل من أجل اللاجئين الأوكرانيين، حيث لم يفعل ذلك للآلاف من الاجئين الأفريقيين أو العرب. يمكننا أن نتذكر هنا الاتفاق بين الإتحاد الأوروبي وبين تركيا لمنع السوريين والأفغان من الوصول إلى الأراضي الأوروبية وحصرهم في معسكرات ضخمة. وهي نفس الآلية التي أستعملتها إيطاليا وأوروبا في ليبيا، حيث تم حظر الملاحة ومنع إنقاذ الغرقى الأفريقيين من قوارب الموت، ورفع الدعاوى القضائية ضد قوارب المنظمات الإنسانية الدولية والقباطنة الذين أنقذوا الأفارقة الذين سقطوا في البحر المتوسط. وفي فرنسا، تجدر الإشارة إلى أنه في عام 2017، صدر حُكم بالسجن لمدة ثمانية أشهر مع وقف التنفيذ ضد سيدريك هيرو Cédric Herrou، وهو مزارع متعاطف مع اللاجئين الإفريقيين الذين كانوا يموتون من البرد أثناء إجتيازهم للحدود الإيطالية الفرنسية. ويمكننا تذكر خيام المهاجرين التي مزقتها الشرطة الفرنسية في غراند سينث Grande -Synthe هي مثال آخر لإجبار الغرباء على ترك البلاد التي لجئوا إليها لظروف إقتصادية أو سياسية. هذه المعاملة المختلفة للاجئين حسب اللون والدين والثقافة هي جزء من سياسة عنصرية وقومية لصالح "البيض الأوروبيين المسيحيين" تتبناها أغلب الدول الأوروبية بدون إستثناء.
تعليقات
حول الموضوع
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي المركز وإنما تعبر عن رأي أصحابها |
|
هل ترغب بالتعليق على الموضوع ؟ |